Abstract:
تهدف هذه الدراسة الاثنوجرافية إلى التعرف على المساكن الإيوائية، من خلال تنظيماتها الرسمية وطبيعة الحياة الاجتماعية فيها. انطلقت الدراسة من عدة أطر نظرية: التوازن الدينامي، وثقافة الفقر، والتفاعلية الرمزية ، والتشكيل البنائي. طبقت الدراسة على عينة من ثلاثة مساكن إيوائية مختلفة التنظيمات الإدارية ( رباط تقليدي– إيجار رمزي – مجاني مشروط )، وتم اختيارها بالطريقة العمدية الغرضية. تم اختيار عينة غرضية من ثماني وعشرين ساكنة من مختلف الأوضاع الاجتماعية (مطلقة – مهجورة – أرملة – زوجة سجين – زوجة معاق – معلقة). اعتمدت الدراسة على الملاحظة البسيطة والملاحظة بالمشاركة والمقابلات المتعمقة كأدوات لجمع البيانات. أوضحت النتائج أن المساكن الإيوائية بمثابة إنتاج وإعادة إنتاج لأشكال ووظائف جديدة لمفهوم الأربطة التقليدية، بما يتماشى مع السياق الاجتماعي والثقافي المتجدد لمفهوم الفقر والإيواء والتكافل الاجتماعي. تقترب الأساليب الإدارية التي تدار بها هذه المساكن من سمات البيروقراطية الحديثة فى جانبها الرسمي، إضافة إلى بروز بعض التنظيمات غير الرسمية من الساكنات. اتضحت طبيعة الحياة الاجتماعية فى المساكن الإيوائية من خلال عدة مستويات: 1- كون المسؤولة سيدة يساعد فى التواصل المرن بين الساكنات والإدارة، وكون المسؤول رجل يؤدي إلى وجود الحواجز النفسية والاجتماعية والثقافية بين الطرفين. 2- أنماط الاستجابة لوصمة الفقر نوعان: الإخفاء، والإظهار. 3- أنماط الاستجابة للأساليب الإدارية التى تدار بها المساكن والخدمات المتوافرة تتراوح ما بين الرضا والتذمر. 4- العمليات الاجتماعية داخل الأسرة الصغيرة نوعان الداعمة، والمحبطة. 5- العمليات الاجتماعية على مستوى الجيرة نوعان: المجمعة، والمفرقة. 6- المواجهة مع العالم الخارجي أبرزت فقر الوعي بمجريات الأمور لدى بعض الحالات، وأبرزت أساليب المكر الاجتماعي لدى البعض الآخر كطريق لتحقيق بعض المكتسبات. 7- الشعور بعدم الأمان والاستقرار لعدم الثقة فى نزاهة وعدالة إدارة المساكن مما أفرز العديد من المواقف المتباينة، وهي: المشاغبة وإثارة المشاكل، والتهديد والتحدي والابتزاز، والخضوع والانكسار، وموقف القوة والعزيمة، والموقف الهلامي، والموقف الإزدواجي. اقترح بعض الإخباريين أنه لا بد أن تحدد الدولة هيئة تشرف علي المساكن الإيوائية، وتعمل هذه الهيئة كجهة مستقلة لكي لا تعرقلها القوانين البيروقراطية، وأن تكون إدارتها وأعضائها من الجهات الحكومية والأهلية، ومن الرجال والنساء، إضافة إلى إلغاء المساعدات ذات المسميات التي تحمل الوصم. أوصت الدراسة بعمل دراسة شاملة للحالة العمرانية والبيئية للمساكن الإيوائية، والاستفادة من أموال الزكاة والصدقة فى إنشاء المزيد من المساكن الإيوائية، مع مراعاة عدم وضع أي لوحة على المسكن تحمل تلميحات سلبية تجنباً للشعور بالوصم. كما أوصت بالعمل بنظام الإيجار الرمزي فى المساكن الإيوائية واختيار سيدة متخصصة للقيام بإدارة هذه المساكن على أسس ومعايير مهنية عالية المستوى، والعمل على متابعة أوضاع أبناء الساكنات فى المدارس وعمل تخفيضات للأسر الفقيرة فى المستشفيات، والعمل على إيجاد صيغة تعاونية مشتركة بين أصحاب المساكن الإيوائية وبين الوزارات والهيئات المختصة لعمل قاعدة بيانات شاملة ودقيقة للأسر الفقيرة، وعقد الدورات الإرشادية لموظفي الجهات ذات الصلة لتعلم أخلاقيات التعامل مع الآخر، وإيجاد تشريعات لمعاقبة من تثبت عليه تهمة الابتزاز الأخلاقى للسيدات الفقيرات، وإيجاد مظلة قانونية موحدة لحفظ حقوق كلا الطرفين المالك والساكن. كذلك أوصت الدراسة بأن تقام برامج إعلامية لإبراز دور أعمال البر والإحسان فى تنمية المجتمع والأفراد. وإعادة هيكلة الأخصائي الاجتماعي من الصورة التقليدية النمطية إلى الصورة الخلاقة التي تتناسب مع عمق المشكلات المأساوية فى المجتمع، والتأكيد على الدور المهم لكبار المدربين الاجتماعيين من أساتذة الجامعات والمتخصصين فى ترسيخ البنية الفوقية للمجتمع، مع تحديث برامج الخدمة الاجتماعية بما يتناسب مع متغيرات ومتطلبات العصر.